لم يكن الزوج يحب ملاك لدرجة الوله، بل لأي درجة على الإطلاق، في الواقع كان يكرهها ويكره أفعالها، لقد طلق زوجته الأولى بسبب أنها مملة وتثير غثيانه بأفعالها، وتزوج ملاك ليعرف أنها أشد مللاً من زوجته الأولى، طوال فترة وجوده في البيت وهي تحكي له عن حياتها السابقة مع زوجها السابق، وعن أفعال أمها وأبيها، وعن أطفال الحارة وطريقة لعبهم، وعن الجيران وزوجاتهم.. ولا تسمح له بأن يتكلم ولو بحرف.. حتى صار البيت عبارة عن جحيم، تتكلم وتتكلم، ولا تصمت أبدا..
سنة كاملة قضاها في عالم من الحديث، حتى في لحظات النوم تظل تهمهم بعبارات غير مفهومة، ولكنها تذهب النوم من عينه إلى غير رجعة.
وفي هذا اليوم ظلت تلح عليه بشيء ما، وتتحدث عن شيء آخر، وتصر على أمر ثالث، وتؤنبه على شيء لم يفعله، وترجو منه أمراً ما، ولم يستطع التحمل أكثر من هذا، لحظة جنون واحدة جعلته يحملها كورقة، ويلقي بها من النافذة..
لم تستوعب الأمر حتى ارتطمت بالأرض وذهبت إلى العالم الآخر، لم تفعل شيئاً يستوجب ميتة كهذه.. ولم يبدِ الزوج الندم أبداً، حتى عندما قدم نفسه للشرطة واعترف بالإثم، قال إنه يشعر بالراحة الآن؛ لأن صوتها لم يعد يدوي في أذنه ليل نهار.